سورة الحج - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحج)


        


لكلِّ من تلك الجملة منفعةٌ بِقَدْره وحدِّه؛ فلأقوام بركاتٌ في دفع البلايا عن نفوسهم وعن أموالهم، ولآخرين في لذاذاتِ بَسطِهم، ولآخرين في حلاوة طاعاتهم، ولآخرين في أُنْسِ أنفاسهم.


قوله جلّ ذكره: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ}.
الشرائعُ مختلفةٌ فيما كان من المعاملات، متفقة فيما كان من جملة المعارف، ثم هم فيها مختلفون: فقومٌ هم أصحاب التضعيف، فيما أوجب عليهم وجعل لهم، وقومٌ هم أصحاب التخفيف فيما ألزموا وفيما وُعَد لهم. قوله: {لِِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلِى} وذكر اسم الله على ما رزقهم على أقسام: منها معرفتهم إنعام الله بذلك عليهم وذلك من حيث الشكر، ثم يذكرون اسمه على ما وفّقَهم لمعرفته بأنه هو الذي يتقبل منهم وهو الذي يُثيبهم.
قوله جلّ ذكره: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِرِ المُخْبِتِينَ}.
أي اسْتَسلموا لِحُكمه بلا تعبيسٍ ولا استكراهٍ من داخل القلب.
والإسلام يكون بمعنى الإخلاص، والإخلاص تصفية الأعمال من الآفات، ثم تصفية الأخلاق من الكدورات، ثم تصفية الأحوال، ثم تصفية الأنفاس. {وَبَشِّرِ المُخْبِتِينَ}: الإخبات استدامة الطاعة بشرط الاستقامة بقدر الاستطاعة. ومنْ أماراتِ الإخباتِ كمالُ الخضوع بشرط دوام الخشوع، وذلك بإطراق السريرة.


قوله جلّ ذكره: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الوَجَلُ الخوفُ من المخافة، والوَجلُ عند الذكر على أقسام: إما لخوفِ عقوبة ستحصل أو لمخافة عاقبة بالسوء تختم، أو لخروجٍ من الدنيا على غَفلَةٍ من غير استعدادٍ للموت، أو إصلاح أُهْبَةٍ، أو حياءٍ من الله سبحانه في أمورٍ إذا ذَكرَ اطلاعه- سبحانه- عليها لمَا بَدَرَت منه تلك الأمور التي هي غير محبوبة.
ويقال الوجَلُ على حسب تجلي الحق للقلب؛ فإِن القلوب في حال المطالعةِ والتجلي تكون بوصف الوجل والهيبة.
ويقال وَجلٌ له سبب وجل بلا سبب؛ فالأول مخافةٌ من تقصير، والثاني معدودٌ في جملة الهيبة.
ويقال الوَجَلُ خوفُ المَكْرِ والاستدراج، وَأقربُهم من الله قلباً أكثرهُم من الله- على هذا الوجه- خوفاً.
قوله جلّ ذكره: {وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَآ أَصَابَهُمْ}.
أي خامدين تحت جريان الحكم من غير استكراهٍ ولا تمني خَرْجةٍ، ولا زَوْمِ فُرْجةٍ بل يستَسلِمُ طوعاً:
ويقال الصابرين على ما أصابهم. أي الحافظين معه أسرارهم، لا يطلبون السلوةَ بإطلاعِ الخْلق على أحوالهم.
قوله جلّ ذكره: {وَالمُقِيمِى الصَّلاَةِ}.
أي إذا اشتدت بهم البلوى فزعوا إلى الوقوف في محلِّ النجوى:
إذا ما تمنَّى الناسُ رَوْحاً وراحةً *** تمنَّيْتُ أن أشكو إليك فَتَسمَعَا
قوله جلّ ذكره: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}.
عند المعاملة من أموالهم، وفي قضايا المنازلة بالاستسلام، وتسليم النفس وكل ما منك وبك لطوارق التقدير؛ فينفقون أبدانَهم على تحمل مطالبات الشريعة، وينفقون قلوبَهم على التسليم والخمود تحت جريان الأحكام بمطالبات الحقيقة.

6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13